حفل استقبال يوم أوروبا – كلمة سعادة سفير دول الاتحاد الأوروبي باتريك سيمونيه
الرياض، 18 مايو 2022
سعادة السفير خالد بن فيصل السحلي، وكيل وزارة الخارجية لشؤون المراسم،
سعادة السيد فهد أسعد أبوالنصر، وكيل وزارة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة،
سعادة الدكتور عبدالعزيز بن حمد العويشق، الأمين العام المساعد لمجلس التعاون الخليجي،
أعضاء مجلس الشورى الموقرون،
الزملاء السفراء،
الحضور الكرام،
السيدات والسادة،
منذ أسبوع مضى، في التاسع من مايو، احتفلنا بيوم أوروبا.
في نفس اليوم من كل عام، نحتفل بذكرى إعلان شومان الشهير، والذي دشن بدء مشروعنا الأوروبي للتكامل. لنتذكر جميعاً يوم التاسع من مايو عام 1950، بعد مرور خمس سنوات فقط على نهاية الحرب العالمية الثانية. حيث اتفقت ست دول، جمعت بينهم العداوة في السابق، على فكرة عبقرية على بساطتها: ألا وهي توحيد عملية إنتاج الفحم والصلب التي تُصنع منها الأسلحة، من أجل أن يصبح اندلاع حرب أخرى ضرباً من ضروب المستحيل. ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد الدول من ست إلى سبع وعشرين وتحول الاتفاق إلى اتحادٍ سياسي واقتصادي أوثق.
لذا، فكل عام نحتفل بأطول فترة عاشتها أوروبا في ظل السلام والاستقرار عبر تاريخها المدون، كما نحتفل بالتزامنا ببناء عالمٍ أكثر قوةً وأمناً داخل حدودنا وما ورائها. كما أننا لم نتوقف قط عن كوننا طرفاً دولياً موثوقاً من أجل السلام، حيث قدمنا أكثر من نصف المساعدات الإنسانية الرسمية حول العالم، فضلاً عن دعم جهود حل النزاعات وعملية السلام في الشرق الأوسط وما ورائه، وذلك بفضل التعاون الوثيق مع شركائنا في الخليج.
***
يكتسب حفلنا هذا العام أهمية خاصة، حيث يلي عدداً من الانتخابات العامة والرئاسية التي جرت أحداثها على مدار الاثني عشر شهر الماضية في كلٍ من فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا وقبرص والمجر وسلوفينيا. حيث صوت المواطنون الأوروبيون بأغلبية كبيرة لصالح القادة المؤيدين لأوروبا. ومرة أخرى، ثبت خطأ هؤلاء الذين توقعوا انهيار أوروبا أو فوز القوميين. في ظل القيادة المستنيرة هذه، سوف نتمكن من الحفاظ على نموذجنا الأوروبي ونجعله أفضل في مواجهة التحديات. يأتي في مقدمة أهدافنا وضع اقتصاداتنا المتعافية على طريق أكثر استدامة ومواجهة العدوان الروسي على أوكرانيا، والذي أعاد الحرب إلى الأراضي الأوروبية مرة أخرى. فالحرب لن تكون أبداً حلاً لأي شيء.
***
وقد جرت العادة على الاحتفال بهذه المناسبة مع شركائنا حول العالم. ويسعدني أن نلتقي مرة أخرى، بعد توقف دام لمدة ثلاث سنوات، في العاصمة الرياض المزدهرة وفي قصر الثقافة البديع هذا. الثقافة هي إحدى ركائز العلاقات بين المملكة وأوروبا، وللمرة الأولى هذا العام، دشن يوم 9 مايو فعاليات “شهر أوروبا”. يضم هذا الشهر سلسلة من الفعاليات كي يستمتع أصدقاؤنا في المنطقة بالثقافة الأوروبية فضلاً عن معرفة المزيد حول الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء به. تُنظم مندوبية الاتحاد الأوروبي وسفارات الدول الأعضاء به هذه الفعاليات والتي تضم أنشطة متنوعة مثل الحفلات الموسيقية والمعارض الفنية والمهرجانات السنيمائية، فضلاً عن المشاركة غير المسبوقة في المؤتمر والمعرض الدولي للتعليم بالرياض الأسبوع الماضي. وددت أنا وزملائي سفراء الاتحاد الأوروبي أن نقدم لكم فرصة فريدة لمشاركة الخبرات وتشجيع التبادل الثقافي بين أوروبا والمملكة، وذلك بهدف رفع مستوى التفاهم المشترك وتعزيز علاقاتنا الثنائية.
***
تتخطى بالطبع علاقاتنا حدود الثقافة والتواصل بين الشعوب. بل إن تواجد العديد من الأصدقاء والزملاء السعوديين والأوروبيين الليلة إنما يشهد على عمق علاقاتنا الوثيقة والمتنامية.
فقد شهدنا الشهر الماضي عدداً متزايداً من الزيارات رفيعة المستوى في كلا الاتجاهين، فضلاً عن أنشطة التعاون في المجالات السياسية والأمنية والطاقة والتجارة، مما أدى بكلا الجانبين إلى تعزيز الاهتمام المشترك بالانتقال إلى شراكتهما إلى المستوى التالي.
واليوم، الثامن عشر من مايو، أطلق الاتحاد الأوروبي من بروكسل “الشراكة الاستراتيجية مع الخليج”، أكرر: “الشراكة الاستراتيجية مع الخليج”، والتي سوف تحقق لنا هدف الوصول إلى المستوى الأعلى من العلاقات. وبجانب هذه الاستراتيجية، سوف نطلق اليوم: أ) مستوى أعلى من التنسيق السياسي بين هيئاتنا المختلفة، ب) التعاون المُعزز فيما يتعلق بالاستراتيجيات الاقتصادية لكلٍ منا، سواء كانت الاتفاق الأخضر الأوروبي أو رؤية السعودية 2030، ج) تواصل أكثر عمقاً بشأن مسائل الأمن الإقليمي، د) طرق أفضل لدفع علاقاتنا الاقتصادية والتجارية المزدهرة، هـ) وأخيراً وليس بآخر، رؤية جديدة للطاقة المتجددة المشتركة بين أوروبا والخليج. وأدعوكم للاطلاع عليها على شبكة الإنترنت.
الصديقات والأصدقاء، يسعدني أننا لا نحتفل الليلة بيوم أوروبا فحسب، بل نحتفل بشراكتنا الاستراتيجية مع الخليج التي تُبحر بنا في آفاقٍ لا نهائية.
أصدقائي السعوديون: أوروبا جارةُ لكم، أوروبا شريكةُ لكم، أوروبا صديقةٌ لكم!
شكراً جزيلاً.