فعاليات

حفل استقبال يوم أوروبا – كلمة سعادة سفير الاتحاد الاوروبي باتريك سيمونيه

 

الرياض 9 مايو 2023

بحضور سعادة المهندس وليد بن عبدالكريم الخريجي، نائب وزير الخارجية، ضيف الشرف الليلة،

معالي الأستاذ جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي،

سعادة السيد عبدالمجيد السماري، وكيل وزارة الخارجية لشؤون المراسم،

سعادة السيدة ديمة اليحيى، الأمين العام لمنظمة التعاون الرقمي،

أعضاء مجلس الشورى الموقرون،

زملائي السفراء،

الضيوف الكرام،

السيدات والسادة،

في التاسع من مايو من كل عام نحتفل بيوم أوروبا.

في مثل هذا اليوم من كل عام، نحتفل بإعلان شومان، والذي يمثل ذكرى بدء مشروعنا الأوروبي. لنتذكر التاسع من مايو عام 1950، فبعد مرور خمس سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، اتفقت ست دول، جمعت بينهم العداوة سابقاً، على فكرة عبقرية على بساطتها: ألا وهي توحيد عملية إنتاج الفحم والصلب التي تُستخدم لصنع المدافع، من أجل أن يصبح اندلاع حرب أخرى ضرباً من ضروب المستحيل. ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد الدول من ست إلى سبع وعشرين وتحول الاتفاق إلى اتحادٍ سياسي واقتصادي لم يسبق له مثيل.

لذا، فكل عام نحتفل بأطول فترة عاشتها أوروبا في ظل السلام والاستقرار عبر تاريخها المدون، كما نحتفل بالتزامنا ببناء عالمٍ أكثر قوةً وأمناً داخل حدودنا وما ورائها. كما أننا لم نتوقف قط عن كوننا طرفاً دولياً موثوقاً من أجل السلام، حيث قدمنا أكثر من نصف المساعدات الإنسانية الرسمية حول العالم، فضلاً عن دعم جهود حل النزاعات وعملية السلام في الشرق الأوسط وما ورائه، وذلك بفضل التعاون الوثيق مع شركائنا في الخليج.

***

يكتسب حفلنا هذا العام أهمية خاصة، حيث يصادف مرور عام على العدوان الروسي على أوكرانيا، مما أعاد بالحرب مرة أخرى إلى أراضينا. مثّل هذا العدوان، ولا يزال، اعتداءً صارخاً وانتهاكاً مدوياً لميثاق الأمم المتحدة. فلا يمكن اختزال هذه الحرب مجرد كونها “مسألة أوروبية بحتة” أو مواجهة بين “الغرب والآخرين”، بل إنها تمثل طبيعة العالم الذي نريد أن نعيش فيه. فلن ينعم أحد بالأمان في عالمٍ يصبح من الطبيعي فيه أن تستخدم دولة نووية وعضو دائم بمجلس الأمن القوة بشكل غير قانوني. لذا يتعين إنفاذ القانون الدولي في كل مكان من أجل حماية الجميع من سياسات القوة والإجبار والهجمات العسكرية.

بالنسبة لنا في الاتحاد الأوروبي ولحلفائنا، فلا بديل سوى بالالتزام “باستراتيجيتنا الثلاثية” والتي تتمثل في: دعم أوكرانيا، والضغط على روسيا لوقف عدوانها غير القانوني ومساعدة باقي العالم على التكيف مع تداعيات العدوان. هذا تحديداً ما كنا نقوم به على مدار العام الماضي، ونجحنا فيه بالفعل. فقد تبنينا عقوبات غير مسبوقة وتوقفنا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي، وبالتعاون الوثيق مع حلفائنا، استطعنا تخفيض عائدات الكرملين من الطاقة بنسبة 50% والتي يحصل عليها لتمويل عدوانه. ونتيجة للعمل الجماعي، استطعنا أيضاً تخفيف الآثار العالمية مع انخفاض أسعار الغذاء والطاقة، والتي يعود جزء من الفضل منها إلى ممرات التضامن الخاصة بنا ومبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب.

حقاً نود إحلال السلام في أوكرانيا، لكنه السلام الشامل والدائم الذي يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. وباعتقادي أننا جميعاً نتفق على هذا الأمر، ونحتاج إلى دعم شركائنا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، في الأمم المتحدة وغيرها من أجل دعم مبادئ السلامة الإقليمية والسيادة والقانون الدولي.

***

وقد جرت العادة على الاحتفال بيوم أوروبا مع أصدقائنا حول العالم. إن حضور العديد من الأصدقاء السعوديين والأوروبيين والزملاء الليلة بمثابة شهادة على علاقتنا الوثيقة للغاية. في 18 مايو العام الماضي، أطلق الاتحاد الأوروبي “شراكة استراتيجية مع الخليج” كي تنقلنا إلى المستوى التالي من التعاون. كانت هذه الاستراتيجية منارة لنا خلال الأشهر الإثني عشر الماضية، وستواصل توجيه خطواتنا في المستقبل.

تهدف استراتيجيتنا إلى:

  • الوصول إلى مستوى أعلى من التنسيق السياسيبين سلطاتنا. وقد مثلت زيارة رئيس المجلس الأوروبي السيد شارل ميشيل إلى جدة في سبتمبر الماضي ولقائه بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان معلماً مهماً في هذا الاتجاه. كما أنه قد جرت العديد من الزيارات في كلا الاتجاهين، وأود هنا أن أعبر عن خالص امتناني لزملائي وأصدقائي من وزارة الخارجية والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي للتعاون والانفتاح والفعالية التي أبدوها.
  • تحسين التفاعل الاقتصادي، وذلك لدعم الاستراتيجيات الاقتصادية في كلا الجانبين وهما الاتفاق الأخضر الأوروبي ورؤية السعودية 2030. فعلاقاتنا قوية بالفعل، حيث أن أوروبا هي ثاني أكبر شريك اقتصادي لكم وأكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما أنكم أيضاً تؤدون دوراً رئيساً في أمن الطاقة لدينا. لكن لا تزال هناك إمكانية للقيام بالمزيد ودفع التعاون الاقتصادي والتبادل، وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتحول الرقمي.

سوف نعقد غداً ورشة عمل في فندق روش ريحان من روتانا، حول دول الغرف التجارية الأوروبية في الأسواق الثالثة، مما يمهد الطريق لتأسيس أول غرفة تجارية أوروبية في الرياض. وأود أن أنتهز هذه الفرصة لتوجيه الشكر للدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي والمؤسسات التجارية بها الحاضرة الليلة والتي ستشارك في هذه الفعالية.

  • التواصل الأكثر تعمقاً في مسائل الأمن الإقليمي. وكما تعلمون، فإن أوروبا بصدد تدعيم قدراتها الدفاعية ولكننا أيضاً ملتزمون بالمزيد من العمل مع أصدقائنا في الخليج لمواجهة التحديات المشتركة في مسائل الأمن البحري، وانتشار الأسلحة والأمن السيبراني ومكافحة التطرف العنيف، على سبيل المثال.فأوروبا تهتم بأمن الخليج بنفس القدر الذي يهتم به الخليج بأمن أوروبا.
  • وأخيراً، نرغب في المزيد من التواصل الشخصي والإنساني، حيث يمكن لكلا الطرفين الاستفادة عبر فهم الآخر والتعرف عليه بصورةٍ أفضل. لذا، فيسعدني الليلة الإعلان عن انطلاق فعاليات شهر أوروبا للعام الثاني على التوالي. يتضمن الشهر 20 فعالية في الرياض وجدة مقدمة لأصدقائنا السعوديين، للتعرف على الثقافة الأوروبية ومعرفة المزيد عن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء به.

تنظم مندوبية الاتحاد الأوروبي وسفارات الدول الأعضاء به والمعاهد الثقافية بالدول الأعضاء تلك الفعاليات والتي تتراوح ما بين مهرجانات الأفلام والحفلات وتذوق الطعام والمعارض الفنية والمؤتمرات. وكما ترون، فإننا نسعى لإرضاء كافة الأذواق المختلفة.

***

الزملاء والأصدقاء،

يسعدني أننا لا نحتفل الليلة بيوم أوروبا فحسب، بل بشراكتنا الاستراتيجية المزدهرة مع المملكة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي.

يواجه العالم الجديد الذي يتراءى أمامنا العديد من التحديات المهولة، لكننا لا يجب أن نخشاها. فأوروبا والمملكة العربية السعودية تتمتعان بمقدرات سياسية واقتصادية وطبيعية وعلمية وثقافية مهمة. كما تعكس أساليبنا الاجتماعية والاقتصادية قوتنا وأصالتنا. فكلانا يؤمن بالقواعد والمعايير الأساسية للنظام الدولي الذي ننتمي إليه. لنعمل سوياً لتحقيق النجاح كجيران وشركاء وأصدقاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى