المملكة العربية السعودية على أعتاب مرحلةٍ جديدة في قطاع الفنادق والضيافة

بقلم جاسميت باكشي، نائب رئيس قطاع التصميم والضيافة في شركة دي إم جي إيفنتس
لا يمُكن لأحد إغفال التحول الهائل الذي تشهده المملكة العربية السعودية، ولا سيما في قطاع الفنادق والضيافة الذي يشهد ازدهاراً غير مسبوق. فبفضل رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي للسياحة، يجري ضخ أكثر من 550 مليار دولار أمريكي لتطوير بنية تحتية ضيافية على مستوى عالمي، في سبيل جذب 150 مليون زائر سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة.
ومع التوجه لجعل السياحة تساهم بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، تتسارع وتيرة توسع الفنادق الفاخرة والمشاريع السياحية المستدامة والمعالم الترفيهية، ما يخلق فرصاً استثنائية للمستثمرين والمهنيين في قطاع الضيافة. ويتجلى حجم هذه الفرص في تدفق كبريات العلامات الفندقية العالمية إلى المملكة، مثل مجموعة IHG،وهيلتون التي تخطط لافتتاح 60 فندقاً، وماريوت التي ستفتتح ثلاثة فنادق في المدينة المنورة، وأكور التي تسعى لبناء 45 فندقاً جديداً بحلول عام 2030. كما تعتزم المملكة إضافة 250 ألف غرفة فندقية بحلول 2030، منها 75 ألفاً من تنفيذ القطاع الخاص، إلى جانب افتتاح نحو 12 منتجعاً على ساحل البحر الأحمر في السنوات المقبلة.
وتغذي المشاريع العملاقة مثل نيوم، والبحر الأحمر، والقدية هذا التوسع الكبير في قطاع الضيافة، حيث يُتوقع أن يصل حجم سوق الضيافة في السعودية إلى 16.91 مليار دولار بحلول عام 2029، مدفوعاً بالطلب المتزايد على الإقامة الفاخرة والسياحة الثقافية وسفر الأعمال.
وتُعد وتيرة بناء البنية التحتية الفندقية من أبرز ملامح هذا النمو، إذ تستهدف المملكة إنشاء 320 ألف غرفة فندقية جديدة بحلول عام 2030 باستثمارات تبلغ نحو 37.8 مليار دولار، 72% منها تقع ضمن فئة الفخامة والرفاهية.
ولا تقتصر مكاسب هذا النمو على البنية التحتية فحسب، بل تشمل أيضاً فرصاً وظيفية ضخمة، حيث تستثمر الحكومة بشكل كبير في تطوير المهارات والبرامج التدريبية. وتلعب مؤسسات تعليمية مثل مدرسة الرياض للسياحة والضيافة دوراً محورياً في إعداد كوادر مهنية قادرة على الارتقاء بقطاع الضيافة السعودي إلى مصاف العالمية.
وفي هذا السياق، يشهد “معرض الفنادق والضيافة” إطلاق قسم جديد هذا العام تحت اسم معرض “سعودي هوست”، لدعم السوق السعودي المتنامي في مجال خدمات المأكولات والمشروبات. وسيتضمن هذا الحدث مجموعة واسعة من حلول الضيافة ضمن خمسة قطاعات تشمل: معدات صالة الاستقبال، وأدوات المطبخ، وأدوات التقديم، والأثاث، ومعدات المشروبات. ومع قيادة السعودية لمسيرة التطور الإقليمي في هذا المجال، سيوفر “سعودي هوست” منصة مثالية لاستكشاف أحدث معدات وخدمات الضيافة، وبناء علاقات أعمال استراتيجية.
كما تلعب التحولات الرقمية دوراً محورياً في تحسين تجارب النزلاء وكفاءة العمليات التشغيلية. ويساهم دمج الأتمتة والتحليلات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في تمكين الفنادق من تحسين التسعير، وتخصيص العروض للضيوف، وتبسيط العمليات اليومية.
وتبقى الفرص في مجال السياحة الدينية والترفيهية واعدة للغاية. إذ لا تزال المملكة، باعتبارها مهد الحرمين الشريفين، تستقطب ملايين الزوار سنوياً إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة. كما أن استضافة أحداث عالمية كبرى مثل كأس العالم لكرة القدم 2034، ومعرض إكسبو 2030، ستعزز الطلب على الضيافة بشكل كبير.
وفي خضم هذا التحول، تبرز أهمية المنصات التي تجمع الجهات المعنية، وتدعم الابتكار، وتعرض أحدث الحلول. ويُقام “معرض الفنادق والضيافة – السعودية” في الفترة من 8 إلى 10 أبريل 2025 في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، كحدث مستقل يعكس حيوية القطاع وتنوعه. وبدعم من شركاء استراتيجيين مثل وزارة السياحة ووزارة الاستثمار، سيسهم المعرض في دفع عجلة النمو من خلال استقطاب أبرز العارضين، واستكشاف ابتكارات الضيافة، وتقديم جلسات ملهمة يقودها خبراء عالميون وإقليميون، إلى جانب بناء شراكات أعمال جديدة في سوق واعدة لا يمكن تجاهلها.
ويُتوقع أن يستقطب المعرض أكثر من 8,000 زائر من المتخصصين، و250 عارضاً، و60 متحدثاً خبيراً، مما يجعله منصة مؤثرة لدفع عجلة النمو وتعزيز التعاون في هذا القطاع المتنامي. وبالنسبة للمهنيين والشركات والمستثمرين، فإن الفرص في قطاع الضيافة السعودي لا حدود لها. لقد بدأ مستقبل الضيافة في المملكة يُرسم اليوم، ومن يواكب هذه الرحلة سيكون له دور محوري في تشكيل صناعة عالمية المستوى لسنوات قادمة.