تقني

تسخير الابتكار وأمن البيانات لمعالجة تحديات بيانات الذكاء الاصطناعي

مقالة رأي بِقلم : محمد الجلاد، المدير التنفيذي للتكنولوجيا في أتش بي إي المملكة المتحدة وإيرلندا والشرق الأوسط وأفريقيا

بالنسبة للمستهلكين، يعتبر الذكاء الاصطناعي مصدر ضجة مستمر في حياتهم اليومية، ولكن بالنسبة للمؤسسات الإقليمية التي تستخدم حلول الذكاء الاصطناعي، فهناك بعض الاعتبارات المهمة حول الملكية الفكرية والبيانات السرية الخاصة بها.

يطرح معظم الشركات أسئلة متعددة وصحيحة، مثل “كيف نستفيد من هذه التكنولوجيا الناشئة؟، وكيف يتوافق الذكاء الاصطناعي مع استراتيجية التحول الرقمي لدينا؟ وكيف يمكننا الاستفادة من جميع بياناتنا وتشغيلها بشكل آمن؟ وكيف يمكننا تنفيذ استراتيجية ذكاء اصطناعي ناجحة بموارد محدودة؟” ولكن عددًا محدودًا من الأسئلة يطرح حول الأسرار التي تستخدمها الشركات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي بهدف تحقيق الأنشطة المذكورة أعلاه.

أعمال خطرة؟

تعتبر أسرار الشركات والملكية الفكرية من القضايا الحاسمة، حيث تعتمد غالبية خدمات الذكاء الاصطناعي العامة على المدخلات الواردة من مجموعة متنوعة من المصادر، وتنمو معرفتها من خلال المدخلات المقدمة من المستخدمين. وهذا يعني أن كل جزء من البيانات التي يتم تمريرها إلى هذا النظام يساعد في تطوير وتعزيز النموذج عبر جعله جزءًا من مجموعة التدريب.

ولكن ماذا يحدث عندما تكون هذه البيانات من أسرار شركتك؟

حين يتم إدخال البيانات المحمية أو السرية في هذه النماذج، فإنها لا تبقى سرية، بل تصبح جزءًا من مجموعة التدريب. وبالنسبة لمعظم الشركات، هذه الفكرة مرهقة، وبدون تخطيط وسياسات دقيقة، قد يصبح فقدان السيطرة على أسرار الشركات هو الواقع الجديد.

التقليل من المخاطر

والسؤال الذي يطرح في هذا الإطار، هو كيفية الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي دون المخاطرة بكشف البيانات الحساسة، وأسرار الشركات، والموارد الداخلية الثمينة. في العام 2021، عززت دولة الإمارات نظام حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها من خلال إصدار ثلاثة تشريعات لتحديث آليات حماية براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق النشر والتصميم الصناعي والأسرار التجارية وآليات الإنفاذ[1]. وإن عملية إنشاء منظومة آمنة للبيانات وإدارتها بشفافية يتطلب مشاركة جميع الأطراف بما في ذلك الحكومات والمصنعين ومقدمي الخدمات والأفراد، بالإضافة إلى حلول مادية وفنية وتنظيمية.

وفقاً لدراسة حديثة أجرتها كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية[2]، فإن 86% من الجهات الحكومية في دبي لديها سياسات مطبقة لخصوصية البيانات، في حين أن 62% منها فقط لديها فريق أو وحدة متخصصة في البيانات. وأشارت نسبة 52% من الجهات إلى وجود استراتيجية لحوكمة البيانات و38% إلى وجود سياسات أخلاقية لاستخدام البيانات. وتتضمن سياسات خصوصية البيانات عمومًا عنصر الاستخدام الأخلاقي، الذي يهدف إلى حماية خصوصية العملاء أو الشركاء الذين يتم جمع بياناتهم. ومن ناحية أخرى، تغطي سياسات أخلاقيات البيانات المبادئ الأخلاقية لجمع واستخدام هذه البيانات وكيفية معالجتها. ونتيجة لذلك، فإن معظم الجهات الحكومية لديها سياسات معمول بها لحماية البيانات الشخصية، لكنها قد لا تشرف بشكل فعال على عمليات جمعها واستخدامها.

وأشارت دراسة أخرى أجرتها شركة البيانات الدولية إلى أن العديد من الشركات تفكر في نقل الأحمال التشغيلية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي من السحابة أو السحب الخاصة إلى البنية التحتية العامة[3]، وهذا ممكن بالنسبة لبعض الشركات، ولكنه يحتاج إلى النظر في موقع البيانات والأمان والخصوصية والمخاطر.

بالنسبة لوضع الذكاء الاصطناعي، الواقع هو أنه لا ينبغي معاملة جميع الأحمال التشغيلية على قدم المساواة، والطريقة المثلى لتقليل المخاطر المتعلقة بتلك الأحمال والبيانات الحساسة هي باستخدام النهج الهجين.

التصميم الهجين

تستخدم العديد من المؤسسات في منطقة الشرق الأوسط اليوم نهجًا هجينًا لأنها تشغل مجموعة من البنية التحتية الخاصة والعامة، ولكن غالبًا ما يكون “هجينًا بالصدفة”. لذلك، التصميم الهجين يكون أكثر فائدة وتنظيمًا، حيث يتيح تجربة وضع الأحمال التشغيلية المقصودة، ويسمح للمؤسسة باتخاذ قرارات بشأن تحديد الأحمال التشغيلية بناءً على الأداء، والأمان، والامتثال، والتكلفة، والاعتبارات الأخرى حول المكان الأفضل لنشر أحمال العمل بشكل مثالي.

الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا المعلومات

بعيدًا عن الغموض، الذكاء الاصطناعي هو ببساطة عبء تشغيلي آخر، لذا يجب على فريق تكنولوجيا المعلومات أن يقرر ما إذا كان يجب أن يكون في السحابة العامة أو الخاصة أو الهجينة. واتخاذ القرار الأفضل يتطلب أولًا تحديد كيفية توفير الركائز الأساسية التي يحتاجونها لتقديم الذكاء الاصطناعي، وينبغي أن تتضمن الاعتبارات أيضًا الاستنتاج، وتحليل البيانات والتعديلات الدقيقة، وتنظيم النماذج وكيفية الاستفادة من المكونات الإضافية في منظومة الذكاء الاصطناعي. وليس من المستغرب أن يجد الكثيرون أن السحابة الخاصة هي مكان مثالي، خصوصًا حين يكون الأمان والخصوصية من الاعتبارات الأساسية.

مع بعض حلول السحابة الخاصة، قد يوفر البائعون أنواعًا من المثيلات الممكّنة بواسطة وحدة معالجة الرسومات التي تم تحسينها للذكاء الاصطناعي بناءً على الأحمال التشغيلية التي يخطط العميل لتشغيلها في بيئته. لا تناسب هذه الحلول الجميع عادة، بل هي مُحسَّنة ومُصمَّمة لتشغيل الأحمال التشغيلية الخاصة بالذكاء الاصطناعي.

يتيح هذا النهج للشركة التي تعتمد السحابة الخاصة التركيز على أتمتة وتنظيم عملية اعتماد الأحمال التشغيلية عبر أوضاع مختلفة، كما أنه يجعل تجربة السحابة تبدو مرنة مثل السحابات العامة، ولكن مع الأمان الأمثل وتصميم السحابة الخاصة والامتثال لمتطلبات الخصوصية وللقواعد التنظيمية المحلية[4].

التنقل في مشهد البنية التحتية وخدمات الذكاء الاصطناعي

ولكن كيف تصل الشركات إلى هناك؟ يجب أن يتركز السؤال حول “كيفية الاستفادة من قوة موارد الحوسبة لتمكين الأحمال التشغيلية الخاصة بالذكاء الاصطناعي وتقديمها عند الحاجة؟” وقد يشمل ذلك تشغيلها في مركز البيانات الأساسي مقابل بيانات الشركة أو تشغيلها في المواقع الطرفية لتوفير نتائج الاستدلال في الوقت الفعلي عند الشبكات الطرفية.  وثمة اعتبار آخر مهم هو كيفية استهلاك خدمات الذكاء الاصطناعي، مع خيارات تشمل “تسليم هذا كخدمة سحابية” مُدارة بالكامل، وكخدمة في مركز البيانات، وصولًا إلى استخدام أدوات الخدمة الذاتية بحيث يمكن للشركات إدارة وتشغيل السحابة بنفسها.

نهج مخصص

تسعى الإمارات من خلال استراتيجيتها الوطنية للبيانات والسحابة والذكاء الاصطناعي، إلى تسريع مسيرة التحول إلى اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، حيث تقلل من اعتمادها على النفط والغاز وأصول الطاقة التقليدية لتركز في المقابل على البيانات و”الحوسبة”، مما يعزز مكانتها كقوة عالمية في التقنيات المتقدمة[5].

لذلك، ستتجه الشركات الإقليمية بوتيرة متزايدة إلى السحابة الهجينة والذكاء الاصطناعي، مستفيدة من المزايا الرئيسية للبنية التحتية للسحابة العامة والخاصة، مثل المرونة والكفاءة والأمان، لحماية أصولها وبياناتها الثمينة.

يحتوي الذكاء الاصطناعي على إمكانيات هائلة للشركات الإقليمية، ولكن التنقل في هذا المجال يتطلب منهم الحفاظ على التوازن بين الابتكار والأمان. ولكن، من خلال فهم المخاطر المرتبطة بخصوصية البيانات والملكية الفكرية، وخلق بيئة تكنولوجيا معلومات تلبي متطلباتهم الفردية للامتثال وحالات استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول.

[1]  https://www.trade.gov/country-commercial-guides/united-arab-emirates-protecting-intellectual-property

[2] https://mbrsgcdn.azureedge.net/cmsstorage/mbrsg/files/69/6958b761-8fc4-4d1a-99ef-e0ff700b68a4.pdf

[3] https://www.idc.com/getdoc.jsp?containerId=US50395923&pageType=PRINTFRIENDLY

[4] https://www.wam.ae/en/article/hszrhuhf-g42-and-microsoft-unlock-new-opportunities-for

[5] https://www.uae-embassy.org/sites/default/files/2024- 04/Technology%20Forerunner_White%20Paper_04.17.2024_V7.pdf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى